يدق جرس الانصراف فى كل المدارس,الحكومية والخاصة على حد سواء - بس
الخاصة بدرى شوية عشان الطلاب يركبوا الباصات براحتهم- و فجأة يزداد صوت
الخطوات,تكثر الحركة العشوائية..الاطفال يتزاحمون على سلالم المدرسة..ربما تجد
احدهم قد انزلق تحت الاقدام و يمر فوقه الآخرون,ولا مجال للنجاة فى وسط هذا الكم
من الكتل البشرية..وبعد ان كان فناء المدرسة ترمى الابرة فيه ترن..اصبح لو رشيت
الملح مايقعش,.ممكن تغرق فى كوم اكياس الشيبسى والشوكولاتة..و اى كان بيبسى
بيتحول لكورة فورا...مجموعة من الاطفال المنبوذين قاعدين على جنب, و مجموعة
اخرى و هم المسيطرون...وآخرون بلطجية..شوية بنات بيتخانقوا مع بعض,وواحدة
بتعيط عشان مش لاقية اختها...و شوية بيلعبوا كورة..الكورة طارت خبطت فى وش
الدادا..طلعت تجرى وراهم.. كوم شنط مدرسية مرمية على الأرض و مجموعة من
الزمزميات الى غالبا اصحابهم بينسوها و بتبات وحيدة.
فترة خروج المدارس هى فترة بشعة جدا و خطر على المجتمع و البشرية..يقطظ
الشارع ببنات الثانوى,اللاتى يتمايلن برداء المدرسة البنى او الرمادى على
حسب..غالبا يُقَسمن انفسهن من اربع الى خمس فتيات فى الصف الواحد..لا يبُالين
اذا كُن يسدون عرض الطريق..واذا حدث و "كلكس" لهن احدهم من سيارة فى
الخلف..يظنون ان السائق يعاكسهن عندما صرخ "ماتوسعوا شوية"..تلف احدهم
وجهها لتنظر له نظرة احتقار "من فوق لتحت"..و ترد الاخرى بثُقل "يا سِم!"..و
فى حقيقة الامر هو شاب هلكان فى شغله من الصبح يتمنى لحظة وصوله البيت لأجل
الراحة,او شوية اكل.
اما التكاتك! التكاتك وما ادراك ما التكاتك..اذا كنت منفصل عن عالمنا ولا تعرف ما
هى التكاتك,فأقرب مثال لهم "العربيات الى بتخبط فى بعضها فى اى مدينة ملاهى"...اغلب الظن ان لهم جحور تحت الارض,و بيطلعوا كلهم فجأة,ماينفعش
يطلعوا ساكتين كدا لأ..لازم السلطنة بما يسمى المهرجانات..او الاغانى
الشعبية..والتى تتميز بالموسيقى الهادئة التى تدخلك فى "الريلاكس مود" .. وكلامها هادف وراقى،وبما اننا شعب حبوب جدا,ماينفعش سائق التوكتوك يستمتع بالفن الجميل الراقى دا لوحده,لأ لازم يخلى الشارع -ان لم يكن الحى كله- يستمتع
معاه..اجبارى على فكرة مش اختيارى.
لا تستعجب عزيزى اذا كنت تقود سيارتك و تفاجئت بتوكتوك على الكابوت طلعلك
من تحت الارض..ولا شك ان انت الى هتكون غلطان..مش هو طبعا..
لا تندهش عندما تجد اسرة بأكملها مكونة من ٦ افرد -بخلاف السائق- مثلا
محشورين بداخل احد التكاتك..لتجد ثلاثة منهم على الاقل "متشعبطين" فى اطرافه..
وحاول ان تسيطر على جنونك عندما ترى طفل فى السابعة من عمره يقود توكتوك..فذلك طبيعيى و وارد جدا،وماله..الاطفال احباب الله!
ومن كرم السماء,يتصادف ميعاد خروج المدارس مع ميعاد خروج الموظفين..بحيث يحصل "قفلة" فى الشوارع..والمواصلات..والكرة الارضية كلها..
ولو انت من سعداء الحظ وكنت فى سيارتك,فأعمل حسابك فى كام سندويتش و كوبايتين شاى لزوم الوقفة فى الطريق..ولو اخدت تعسيلة مش هيفوتك كتير صدقنى....
اما لو انت من عامة الشعب وركبت المترو خلال هذه الفترة, فأمامك خيارين,إما ان
تخرج لحمة مفرومة..او سوسيس فاخر..الخيار لك عزيزى المواطن لأننا فى بلد
ديموقراطى طبعا.
واذا نجحت فى اجتياز كل تلك المراحل دون انهيار عصبى،او حادثة او تصادم او
خناقة,فلا تظن انك قد نجوت,لأن هذه المأساة ستتكرر يوميا..كل يوم تزداد المأساة سوءا و تقل طاقتك و ينفز تحملك تدريجيا..
و فى الآخر ولا الطلاب بيتعلموا..ولا الموظفين بيشتغلوا..ولا احنا بنرتاح.